السمنة تعد من أهم الأمراض المزمنة في العصر الحديث، بل عامل رئيسي للإصابة بالعديد من الأمراض. ووفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن السمنة ترتبط بشكل مباشر بـ 7 من بين أهم 10 أسباب رئيسية للوفاة، يشمل ذلك أمراض القلب، والأورام، والجلطات الدماغية، ومرض الزهايمر، والسكري، وأمراض الكلى، وأمراض الكبد.
وعلى عكس الفهم الشائع، لا تقتصر أسباب السمنة على قلة النشاط البدني أو نوعية الغذاء، بل هي حالة مرضية معقدة تتداخل فيها عدة عوامل، من بينها العوامل الوراثية والبيئية والهرمونية.
ونظراً لكون تحسين جودة الحياة، ورفع مؤشر متوسط العمر المتوقع من 74 إلى 80 عاماً من مستهدفات رؤية المملكة 2030، فإن التعامل مع السمنة يجب أن يكون أولوية صحية، حيث تشير الدراسات إلى أن السمنة المفرطة تقلل من متوسط عمر الإنسان بمقدار 10 سنوات مقارنة بالأشخاص ذوي الوزن المثالي. إلا أن التكلفة المالية في علاج السمنة لا تزال من أبرز التحديات التي تواجه المرضى في الحصول على الرعاية اللازمة.
ومع سعي المملكة إلى تعزيز منظومة التأمين الصحي ودعم التشريعات والتنظيمات ذات الصلة كأحد مستهدفات المملكة 2030، يمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التي تبنت سياسات مختلفة في تغطية تكاليف أدوية السمنة، لتطوير نظام تأمين صحى أكثر فعالية يحقق الأهداف الصحية والاقتصادية المرجوة. على سبيل المثال، تتبنى فرنسا نظاماً يسمح بتغطية أدوية السمنة للأشخاص الذين يعانون من مؤشر كتلة جسم (BMI) أكبر من 35 كجم/م²، ولكن مع شرط أن يكون عمر المريض أقل من 65 عاماً، وذلك لضمان توجيه الموارد للأشخاص الأكثر استفادة من العلاج. أما أيسلندا، فتتبع نظاماً أكثر صرامة، حيث تغطي العلاج فقط للأشخاص الذين لديهم مؤشر كتلة جسم أكبر من 45 كجم/م²، أو أكبر من 35 كجم/م² مع وجود أمراض مصاحبة مثل أمراض القلب أو الكلى. كما تفرض أيسلندا شرطاً لتحقيق فقدان وزن تدريجي لمواصلة التغطية، حيث يجب على المرضى تحقيق خسارة 5% من وزنهم خلال 6 أشهر، و 10% خلال 12 شهراً، و 15% خلال 18 شهراً لضمان فعالية العلاج، أما في المملكة المتحدة، فإن تغطية أدوية السمنة تتم فقط من خلال عيادات متخصصة في علاج السمنة، مع ضرورة حصول المرضى على استشارات غذائية وبرامج رياضية إلى جانب العلاج الدوائي. بالإضافة لشرط أن يكون مؤشر كتلة الجسم 35كجم/م² أو أعلى، أو 30-35 كجم/م² مع وجود أمراض مصاحبة لضمان تقديم العلاج للفئات الأكثر احتياجاً.
لكن لا تزال معظم التشريعات الصحية الدولية لا تدرج أدوية السمنة الحديثة ضمن الأدوية المتاحة في التأمين الصحي لعلاج السمنة، بينما تسمح بتغطية التكاليف العلاجية لنفس هذه الأدوية في علاج النوع الثاني من السكري. وخلال السنوات القادمة، من الممكن تغير هذه التشريعات الصحية الخاصة بأدوية السمنة، حيث أصبح المجتمع العلمي أكثر إدراكاً للسمنة والمضاعفات المرتبطة بها. فمنذ عام 2013 اعترفت الجمعية الطبية الأمريكية (AMA) رسمياً بالسمنة كمرض، وهذا يعكس تحول إيجابي في التعامل مع السمنة على مستوى السياسات الصحية.
وفي نفس الوقت من الضروري رفع مستوى الوعي المجتمعي حول السمنة، إذ لا يتعلق الأمر فقط بتحقيق “وزن مثالي”، بل يمتد ليشمل الوقاية من العديد من الأمراض الخطيرة المرتبطة بالسمنة. ولا ينبغي أن يقتصر التركيز على العلاج بالأدوية فقط، بل يجب أيضاً العمل على إطلاق مشاريع وبرامج وقائية تبدأ من المدارس والجامعات والمراكز التجارية والأحياء السكنية، والمساهمة في تعزيز السلوكيات الصحية والوقاية من السمنة منذ الصغر، إن دمج استراتيجيات العلاج مع سياسات الوقاية يمكن أن يساعد في تقليل انتشار السمنة وتحسين جودة الحياة للأفراد والمجتمع بشكل عام.
المراجع العلمية
Alhomoud IS, Talasaz AH, Chandrasekaran P, Brown R, Mehta A, Dixon DL. Incretin hormone agonists: Current and emerging pharmacotherapy for obesity management. Pharmacotherapy. 2024,44(9):738-752. doi:10.1002/phar-4607
Dellgren JL, Persad G, Emanuel EJ. International coverage of GLP-1 receptor agonists: a review and ethical analysis of discordant approaches Lancet. 2024:404(10455):902-906. doi:10.1016/S0140-6736(24)01356-4
https://www.dandachsentits/eading-causes-of-death him