داء السمنة وأحدث الأدوية لعلاجه

السمنة مرض معقد ومزمن، ويعد من أكثر الأمراض انتشاراً ويؤثر على أكثر من مليار شخص حول العالم. وعلى الرغم من العواقب الوخيمة للمرض إلا أن أعداد المصابين بهذا المرض في تزايدٍ مستمر. يؤدي انخفاض وزن المريض المصاب بالسمنة بمعدل 5-15% إلى انخفاض كبير ومؤثر في المضاعفات والأمراض الأخرى المرتبطة بالسمنة. ويعد العمل على تغيير حياة المريض وسلوكه خاصةً في الجوانب الغذائية والرياضية حجر الأساس في علاج السمنة. ولكن المحافظة على ذلك التغيير لفترة طويلة يعد تحديًا كبيرا، ولذلك يحتاج مرضى السمنة إلى تدخلات طبية لمساعدتهم في التغيير والمحافظة على النتائج.

تاريخياً، استخدمت العديد من الأدوية لعلاج السمنة ولكن فعالية الكثير منها كانت محدودة. ولكن في آخر 10 سنوات ظهرت مجموعة دوائية ذات نتائج إيجابية في تخفيض الوزن وهي

مجموعة الـ(GLP-1RA).

هذه المجموعة تحتوي على أدوية تستخدم في أساسها لعلاج مرض السكري، ظهرت لبعضٍ من أدوية هذه المجموعة فوائد جلية في تخفيض الوزن، عبر تنظيم الشهية وتثبيط محفزات الشعور بالجوع وزيادة الشعور بالشبع. ومع استمرار الأبحاث على الأدوية من هذه المجموعة ظهرت لنا أدوية ذات تأثير كبير وفعالية عالية في تخفيض الوزن. في عام 2014، حصل دواء ليراقلوتايد (ساكسندا) على تصريح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لاستخدامه كعلاج لمرض السمنة، والساكسندا هو عبارة عن إبر تستخدم بشكل يومي. ثم في عام 2021م، حصل دواء سيماقلوتايد (ويقوفي، أو أوزمبك كما يعرفه القراء) على التصريح ذاته، صنع على شكل إبر تستخدم بشكل أسبوعي ولها تأثير أكبر بكثير من إبر الساكسندا اليومية. وفي 2022م، ظهر دواء جديد باسم ترزيبيتايد (مونجارو) وهو أحدث أدوية هذه المجموعة (يستخدم على شكل إبر أسبوعية أيضاً) والذي أظهر نتائج إيجابية في دراسات علاج السمنة.

ولعدم وجود دراسة تقارن بشكل مباشر بين تأثير الترزيبيتايد وباقي أدوية المجموعة (الليراقلوتايد والسيماقلوتايد) في إنقاص الوزن، قررنا القيام بدراسة للمقارنة بين هذه الادوية من ناحية الفعالية والمأمونية لهذا الاستخدام. وأظهرت الدراسة التي قمنا بها الاتي:

1) استخدام الترزيبيتايد (بجرعتي 10 مجم و15 مجم) أدى إلى خسارة أكبر في الوزن مقارنة بالليراقلوتايد والسيماقلوتايد.

2) استخدام الترزيبيتايد (بجرعة 15 مجم فقط) أدى إلى نسبة نزول أكبر في الوزن مقارنة بالليراقلوتايد والسيماقلوتايد.

3) الاستخدام الأسبوعي للترزيبيتايد والسيماقلوتايد أدى إلى نتائج متقاربة من حيث معدلات المرضى الذين حققوا انخفاضا في الوزن بمستويات تصل إلى 20% من أوزانهم الأساسية، وهذه النتائج كانت أفضل مقارنة باستخدام الليراقلوتايد يومياً.

4) فيما يتعلق بالأعراض الجانبية، معظم هذه الأعراض كانت مرتبطة بالجهاز الهضمي (غثيان، اسهال، آلام في البطن) مع عدم وجود فارق في احتمالية الإصابة بهذه الأعراض بين هذه الأدوية.

اشتملت هذه الدراسة على مرضى السمنة الذين لا يعانون من السكري، وخلصت الدراسة إلى أن استخدام الترزيبيتايد يعد الخيار الأفضل بين هذه الأدوية لهؤلاء المرضى، يليه دواء السيماقلوتايد ثم الليراقلوتايد.

ختاماً، تجدر الإشارة إلى أن الترزيبيتايد حصل على تصريح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لاستخدامه في علاج مرضى السكري في منتصف 2022م ولكن استخدامه في علاج السمنة ما زال تحت التقييم، ولكن نتوقع التصريح به لعلاج السمنة خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، كما أنه غير متوفر حالياً في المملكة العربية السعودية ولكن نتوقع توفره خلال الأشهر القادمة.

الكاتب: د. عمر بن عبد الرحمن آل محمد

أستاذ مشارك بقسم الصيدلة الإكلينيكية

كلية الصيدلة – جامعة الملك سعود

التعليقات معطلة.