في بحث نُشر في مجلة “Circulation” العريقة، التابعة للجمعية الأمريكية للقلب من قبل فريق بحثيٌ سعودي من جامعة الملك سعود وبقيادة الدكتور نايف المنتشري، مدير مركز بحوث الجينات والأمراض الوراثية في جامعة طيبة؛ تم الكشف عن المسبب الجيني لتسلخ الشريان السباتي الداخلي (Internal carotid artery dissection) وهو الشريان الحيوي الذي يزود الدماغ بالدم المحمل بالأكسجين. حيث يقول البحث في عنوانه “طفرة فقدان الوظيفة في جين SMAD6 مرتبطة بظاهرة جديدة لتسلخ الشريان السباتي الداخلي”.
ما هو جين SMAD6 ؟
يلعب هذا الجين دوراً مهماً في تنظيم مسارات الإشارات البيولوجية والتطور والاستقرار الوظيفي للجهاز القلبي الوعائي، وترتبط الطفرات الممرضة في هذا الجين بعدة اضطرابات وراثية، بما في ذلك أمراض القلب وتشوهات الصمامات، مثل: مرض صمام الشريان الأورطي 2 (aortic valve disease 2) وأنماط مرضية قلبية أخرى.
ما الجديد؟
تمكن الفريق السعودي ولأول مرة من الكشف عن علاقة طفرة في جين SMAD6 تسبب وبشكل رئيسي تسلخ الشريان السباتي الداخلي، وهي حالة لم تكن معروفة من قبل في المرضى المرتبطين بهذه الطفرات.
>وبذلك حققوا اكتشافا جديداً، هو الأول من نوعه، حيث يعد هذا المرض من الأمراض التي لم تكن مسبباتها الجينية واضحة في الأبحاث المحلية والعالمية.
كيف كُشف؟
اُكْتُشِفت هذه العلاقة من حالة مريض يبلغ من العمر 36 عامًا، وله تاريخ طبي بارز من تسلخ الشريان السباتي الداخلي وخلل في نُظم القلب في سن الثلاثين.
بعد 10 أيام من الأعراض والخطط العلاجية والفحوص، أظهرت التحاليل أن المريض يحمل طفرة متغايرة في جين SMAD6.
ونظرًا للتأثير الممرض لهذه الطفرة، قُدمت الاستشارات الجينية لجميع أفراد العائلة، وعرض عليهم إجراء فحوص جينية.
أظهرت النتائج أن كثيراً من أفراد الأسرة يحملون الطفرة نفسها، منهم 6 أشقاء مع اختلاف في الأعراض، بعضهم يعاني مشكلات في صمامات القلب، مثل: تدلي الصمام التاجي وقصور الصمام الأبهري، بينما آخرون كانوا حاملين للطفرة من دون أعراض.
ما أهميته؟
تشير هذه الدراسة إلى أن الطفرات في جين SMAD6 يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأمراض القلبية والوعائية، لكنها تتميز بانخفاض الاختراق، مما يعني أن بعض حاملي الطفرات قد لا يظهرون أي أعراض.
>هذا الاكتشاف له أهمية سريرية كبيرة، ويقدم دليلًا على أن الفحوص الجينية يمكن أن تساعد في اتخاذ قرارات طبية أكثر دقة. حيث يعزز من ضرورة الفحص الجيني في التشخيص المبكر، وأهمية إجراء الفحوص الجينية للأسر التي قد تكون معرضة للخطر وتقديم الرعاية الوقائية.
يسمح التشخيص المبكر بتقديم علاجات وقائية وتجنب المضاعفات الخطيرة مثل السكتة الدماغية أو الوفاة المفاجئة، بسبب اضطرابات نظم القلب.
علاوة على ذلك، يفتح هذا الاكتشاف آفاقًا جديدة في مجال الطب الجيني وفهم أمراض القلب الوراثية، ويُبرز أهمية الجينات في الكشف المبكر والتدخل الطبي المناسب لتحسين جودة حياة المرضى وتقليل الأخطار الصحية المستقبلية.
ختامًا، تشهد المملكة العربية السعودية تطورًا ملحوظًا في مجالي البحث العلمي والطب، ما يضعها في مقدمة الدول الرائدة على الصعيد العالمي في هذا المجال، وتعد هذه الاكتشافات من ثمرات هذا التقدم الكبير والتطور السريع، مما يعزز من مكانة المملكة على الساحة العالمية، ويؤكد قدرتها على أن تكون وجهة رائدة في الأبحاث الطبية، ويُسهم في رفع مستوى الرعاية الصحية العالمية وتقديم حلول مبتكرة للتحديات الصحية.
المراجع:
https://www.ahajournals.org/toc/circgen/17/4
https://www.alriyadh.com/2087724
الكاتبة: أ. اشراق منصور المنصور
بكالوريوس صيدلة اكلينيكية جامعة القصيم